حمادي الجبالي في ندوة صحفية مخاطبا أهالي سليانة:





على امتداد حوالي الساعة تحدث السيد حمادي الجبالي رئيس الحكومة المؤقتة الى الشعب التونسي والى أهالي ولاية سليانة على اثر الأحداث التي شهدتها طيلة ثلاثة أيام ليختزل سبب الأحداث في خصومة بين موظفين تطورت واتسعت وتحولت الى صدامات ومواجهات عنيفة بين المواطنين والأمنيين.

وتساءل رئيس الحكومة المؤقتة :«لماذا كل هذا العنف الذي حدث في سليانة؟ هل السلطة غاشمة الى هذا الحد هل هي سلطة ديكتاتورية؟

هل هي سلطة مارقة وغير شعبية» إنها حكومة شعبية جاءت بها إنتخابات ديمقراطية يشهد بها العالم؟ ما يحدث في سليانة ليس شعبا ضد حكومة وليست حكومة ضد شعب، نحن أبناء هذا الشعب ومنبثقون منه وبصفة شرعية؟ وتساءل ان كان ما حدث في ولاية سليانة يبرر كل ذلك العنف؟

وصرح رئيس الحكومة المؤقتة «أن الغضب الذي حدث تبناه الإتحاد العام التونسي للشغل وهذا أمر شرعي وان شل كل مظاهر الحياة العادية في الجهة». وعاد ليتساءل «لكن ماذا حدث؟ هل منعت الحكومة أو السلطة الإضراب وهاجمت الاجتماعات؟ لقد خرجت المسيرات والإحتجاجات ولم يكن في الواقع هناك، تواجد أمني كبير...»

وأضاف «نحن نقر بحرية الإضراب والتجمهر والجميع يعرف أنّ ما يحدث داخل الجهات أكثرمن ذلك حيث التجمهر اليومي والإعتصامات والتهجم على مراكز الأمن والسلطة وعلى المؤسسات والشركات والمسيرات يومية في بلادنا.. لكن في تلك الساعة كانت الوقفة الاحتجاجية أمام الولاية بالآلاف ولم يتدخل الأمن... ثم بدأ الهجوم على الولاية والهجوم على مقرات السيادة واقتحام مكتب الوالي واعتبرنا ذلك طبيعيا».

وقال «شلت الولاية تماما وبدأ الاعتداء بالحجارة و«المولوتوف» وكان الأمن بأعداد قليلة والإمكانيات ضعيفة ثم وصلت التعزيزات الأمنية وجوبهت بقطع الطرقات في اليوم الأول كانت هناك اصابات كثيرة بين المهاجمين والأمنيين... وفي اليوم الثاني تم التصعيد واستعملنا الرصاص المطاطي والرش عندما هوجم الأمن بالمولوتوف و«أعوان الأمن هم المدافعون على مراكز السيادة أمام هذا الوضع الصعب هل نسلم الأعوان الى مصيرهم؟.

وفي سرده لسير الأحداث وتطورها بالتفصيل أحيانا سمح رئيس الحكومة لنفسه أن يدعو الجميع للتساؤل حول من بدأ بالعنف؟ وذلك بعد أن ألقى مقدمة تمهيدية مختزلة حول الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية بمنطقة سليانة وهي احدى الجهات التي عاشت نسيانا وتهميشا كبيرا في سياسات الدولة التنموية مستعرضا بعض المطالب الشرعية كالحق في التشغيل والتنمية.

وخلص الجبالي الى أنّ العنف الذي عرفته ولاية سليانة توّج بدعوة صريحة للاطاحة بالحكومة ووصفها بانها «كلمة حق تقال» ودعا كل أطراف المجتمع المدني من الاحزاب ووسائل الاعلام الى تحديد موقفها فالحكومة في طور ارساء أنموذج لبناء مؤسسات ديمقراطية وكان غير الزامي استعمال العنف والحال أن الاطر القانونية للاحتجاج موجودة. مؤكدا ان القضية ليست قضية «رش»، وان العنف بدعوى أنه عنف ثوري أو ثورة بروليتارية أو سلفية لن يهدد الحكم وان التخلص من السلطة اذا الشعب اراد ذلك سيكون عبر صندوق الاقتراع واستدرك رئيس الحكومة قائلا «لقد لامونا في أحداث السفارة الأمريكية ولا يلوموننا اليوم اذا تركنا مقرات ومراكز السيادة للحرق والتخريب».

تخف وراء النقابات

ووجه رئيس الحكومة اتهاماته الى أن من يقوم بهذا العمل وينظر له ويبرره حرم في الانتخابات من ان يفرض نفسه وقال «فهؤلاء يعتقدون ان الديمقراطية لا تساعدهم ولا تلائمهم... هؤلاء تلائمهم الفوضى لقد خانهم الشعب فالثورة هي التي خلصت الشعب من المظالم والاستبداد وما دونه ليس كذلك. وأشار الى ان وزير الداخلية قد سمى هذه الجهات والأمر خطير لان هذه الجهات تختفي وراء الاتحاد العام التونسي للشغل وتستعمل مقراته، واذا كان لهذه الجهات مطالب فالشجاعة تقتضي الوضوح وهناك من هذه الجهات من وصف نفسه بأنهم متواجدون في الاتحاد من القمة الى القاعدة... والجميع يعرف كيف تقوم هذه الجهات بالتجييش والامتدادات وإن كان هذا مقبولا فبشرط عدم استعمال العنف.

وفي تعرضه للحديث عن والي الجهة استغرب رئيس الحكومة أن ينسب الى أقربائه هذا الرجل وقال «هو ليس قريبي ولا أعرف حتى اسمه»، ووصف من نسب إليه ذلك بأنها مستويات منحطة.

أما أن يقال للوالي ارحل فالمقصود «بارحل» هي السلطة، لكن الرحيل سيكون بالانتخابات والصندوق هو الوحيد الذي سننصاع اليه فنحن الرمزية والشرعية ونحن ندافع عن القيم التي ضحينا من أجلها...هذا الشعب قال كلمته ونحن لن نقبل التهديد».

ولم يترك رئيس الحكومة الفرصة تمر ليستدرك ويقول «نحن نريد أن ننهي هذه المشاكل بالحوار مع الشعب ومع الأحزاب، وعلى الحكومة والأحزاب والاتحاد العام التونسي للشغل أن يتحاوروا ونحن مستعدون لذلك وبقدر ما نحن مستعدون للحوار نحن سنقاوم كل أساليب الاستبداد والإرهاب».

سؤال الصحافة اليوم

السيد رئيس الحكومة إن السلطة قوية بأمنها و «برشها» وعتادها، أما أهالي سليانة فعزل...لقد قالوا للوالي ارحل وجاء الرد من طرفكم بأنكم ستغادرون الحكومة قبله إن رحل، فهل هذا يعني انكم اخترتم التصعيد بدل التهدئة ؟ ثم لقد سمى وزير الداخلية الطرف المعني بالإسم وأشار الى السيد شكري بلعيد فهل هذا اتهام للإتحاد وما هي الاجراءات التي ستتخذونها تجاه هذا الموضوع ؟

أجاب رئيس الحكومة المؤقتة ان هذا السؤال يعكس موقف اهالي سليانة لكنّه ليس الحقيقة وسأصحح، ليس اهالي سليانة من خرج الى الشارع وحتى ان خرجوا ليحتجوا فما هي الا وسائل مستعملة بقيادة زعماء قادوا المسيرة ... هذه ليست صورة حقيقية من بدأ بالعنف ان الامر واضح والخسائر كانت كبيرة بين المواطنين وفي الجهة هناك قانون وتطبيقه ليس مشروطا ويمكن للوالي ان يخطئ وانا ادافع عن الرمزية والشرعية وعن الدولة وليس عن الحكومة ... نحن لا نصعد ضد الاهالي ولكن ضد الجريمة.

وبخصوص الاتحاد اشار الجبالي لقد التقيت برئيس المنظمة السيد حسين العباسي وقررنا بارادة من الطرفين ان نتوجه نحو الحوار والبحث عن حلول سلمية وعن التهدئة لايجاد الحلول التنموية لمشاغل ابنائنا في سليانة.

لجنة تحقيق مستقلة

ودعا رئيس الحكومة المؤقتة حمادي الجبالي مختلف أطراف المجتمع المدني الى تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في أحداث العنف في سليانة مشددا على ضرورة أن «تتم محاسبة كل من تسبب في العنف في الجهة» من جميع الاطراف التي وصفها بالمعتدية «سواء كانوا من المواطنين أو من رجال الامن» على حد قوله.

وأشار «يجب البحث في أسباب اندلاع تلك الاحداث والتثبت في الاشخاص الذين ابتدؤوا بالعنف» مشيرا في هذا السياق الى أن «الامن لم يتعرض الى المواطنين عندما تم تنفيذ الاضراب العام بسلمية» ومؤكدا أن «العنف حصل عندما بدأ الاعتداء على مقر الولاية بالحجارة والمولوتوف وتواصل بحرق وتكسير مقرات الامن والمعتمديات والقباضة».

وأضاف قوله «نعلم أنه تم جلب أشخاص من الكاف ومن مناطق أخرى للمشاركة في الاضراب العام بالجهة ولم يكن هذا الامر ليزعجنا لو بقيت الاحتجاجات سلمية».

أما عن مسألة استعمال ذخيرة الرش فقد اعترف الجبالى بأنه «وقع افراط في استعمال القوة» وأكد أنه «سيقع محاسبة كل من أفرط في استعمال السلاح» غير أنه برر ذلك بأن «رجال الامن كانوا مضطرين للدفاع عن أنفسهم والدفاع عن مقرات السيادة أمام الهجوم الكبير عليهم الى حد تهديد حياتهم» على حد تعبيره.

وشدد رئيس الحكومة في هذا الصدد على أنه «من واجب الاحزاب والمنظمات أن تتصدى للعنف من كل الاطراف» ملاحظا أن «من يمارس العنف اليوم ويدعو اليه ويستعمله لتنفيذ مخططاته سيعامل بنفس الطريقة وسيمارس عليه العنف لو وصل غدا الى السلطة».

وتوجه الجبالي بالخطاب الى أهالي سليانة قائلا «نعلم أننا قصرنا في حقكم في التنمية لكننا لم نقصر في حقكم فى الحرية والديمقراطية» مشددا على أن «التنمية يجب أن تتم ضمن الشرعية والحوار والتدافع السلمي».







tv7




Commentaires