السيرة الذاتية للدكتور محمد الهاشمي الحامدي

الدكتور محمد الهاشمي بن يوسف بن علي الحامدي سياسي وكاتب وإعلامي تونسي، مرشح للإنتخابات الرئاسية في تونس، وزعيم القوة السياسية الثالثة من جهة المقاعد في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التي جرت يوم 23 أكتوبر 2011. وهو مؤسس تيار المحبة، الذي أعلن عن قيامه يوم 22 مايو 2013، بديلا عن حزب العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية الذي تم الإعلان عن حله يوم 27 أبريل 2013.



ويعمل الدكتور الهاشمي في مجال الإعلام منذ 1983، ويقيم في لندن منذ 1987، وهو مؤسس ورئيس قناة المستقلة الفضائية.



الخلفية



ولد الدكتور محمد الهاشمي الحامدي يوم 28 مارس 1964 بمدينة سيدي بوزيد، لعائلة فقيرة تسكن قرية الحوامد التي تبعد 18 كيلومترا عن وسط سيدي بوزيد، ودرس فيها تعليمه الإبتدائي، ثم زاول دراسته الثانوية في المعهد المختلط بسيدي بوزيد، والتحق بالجامعة التونسية في سبتمبر 1981، حيث درس علوم اللغة العربية وآدابها في كلية الآداب بالعاصمة التونسية، وتخرج منها عام 1985 بشهادة الإجازة (الأستاذية). وبعد ذلك واصل الحامدي تعليمه في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن، حيث حصل منها على درجة الماجستير عام 1990، ودرجة الدكتوراه في الفلسفة، متخصصا في الدراسات الإسلامية المعاصرة، عام 1996.



في فترة دراسته الجامعية في تونس العاصمة، دخل الدكتور محمد الهاشمي الحامدي عالم الصحافة، وانضم لأسرة كتاب جريدة "الرأي" المستقلة، ثم جريدة "المغرب العربي" المستقلة، ثم جريدة "الصباح" اليومية المستقلة. وقد اختارته مجلة جون أفريك (أفريقيا الفتية) التي تصدر في باريس في صيف 1984 أصغر عضو في قائمة "النخب التونسية" التي ضمت خمس مائة شخصية منها الزعيم السابق الحبيب بورقيبة وأشهر وجوه الطبقة السياسية التونسية.



غادر محمد الهاشمي الحامدي تونس في ربيع 1986 لتجنب الإضطهاد الذي تعرض له من السلطات الحاكمة بسبب أنشطته السياسية مع حركة الإتجاه الإسلامي، حيث كان رئيسا لجناحها الطلابي، كما عمل فترة عضوا في مكتبها السياسي. ومنذ صيف 1987 استقر به المقام في بريطانيا حيث يعيش خارج تونس منذ أكثر ما يقرب من ربع قرن.



وفي ماي 1992 قدم محمد الهاشمي الحامدي استقالته من حركة النهضة، وبقيت علاقته بها منذ ذلك التاريخ جافة ومتوترة.



تأسيس "المستقلة"



بعد تجربته الإعلامية في تونس مطلع الثمانينيات، وبعد أن عمل لمدة ثلاث سنوات محررا لصفحة الدين والتراث في جريدة "الشرق الأوسط" الللندنية بين عامي 1988 و1991، أسس الدكتور محمد الهاشمي الحامدي جريدة المستقلة عام 1993 في لندن. وفي عام 1999 حولها لقناة فضائية، وجعل منها منبرا حواريا مشهورا في تونس والعام العربي، متخصصا في حقوق الإنسان، والأخبار السياسية، ومحاولة التقريب بين فقهاء السنة والشيعة، كما اهتمت القناة بإحياء الشعر العربي الفصيح من خلال إطلاق عدة مسابقات شعرية، وفي 1998 أطلقت برنامج "الحلم العربي" وأجرت فيه انتخابات افتراضية حرة بين ممثلين لمختلف التيارات السياسية في العالم العربس. وقد كانت قناة المستقلة حاضرة بقوة في رصد ومواكبة التغيرات الضخمة في العالم العربي منذ امطلاق الثورة التونسية يوم 17 ديسمبر 2010، وكانت إحدى القنوات الرئيسية في ميدان التحرير في قلب القاهرة أثناء الثورة المصرية.أ



دور قناة المستقلة



بخلاف ما يقوله خصومه ومنافسوه من أنه كان على علاقة بالحزب الحاكم في تونس في عهد بن علي، التجمع الدستوري الديمقراطي، لم ينتم الدكتور محمد الهاشمي الحامدي قط لهذا الحزب. ولم يكن قادرا على العيش في بلاده بأمان فترة حكم بن علي، ولا حتى على حضور جنازة أمه التي توفيت عام 2007. وقد شن الهاشمي الحامدي حملة إعلامية مشهورة على انتهاكات حقوق الإنسان في عهد بن علي، عامي 2001 و2002، وكانت قناته، قناة المستقلة" منبرا لأشهر الساسة المعارضين التونسيين، بمن فيهم منصف المرزوقي ومصطفى بن جعفر وآخرين، وسمتها قناة ليبراسيون الفرنسية "شاشة للحرية"، الأمر الذي جعل الحكومة التونسية تشن هجمة سياسية وإعلامية وقانونية كبيرة ضد القناة، مما أدى لتوقف البرنامج الأسبوعي الذي كان مخصصا للشأن التونسي واسمه "المغرب الكبير".





الحوار الصريح بعد التراويح



هذا اسم البرنامج التلفزيوني الذي يعتبر أشهر برنامج حواري أعده وقدمه الدكتور محمد الهاشمي الحامدي منذ تأسيس قناة المستقلة، وهو برنامج بدأه في رمضان 1422 هجرية، نوفمبر من عام 2002 ميلادية، وهو متخصص في استضافة علماء المسلمين الشيعة والسنة بوجه خاص، للبحث عما سماه الحامدي بـ"حقيقة الإسلام قبل قيام الفرق والمذاهب". وقال الحامدي أكثر من مرة إن هدف البرنامج هو تجديد الخطاب الإسلامي وتحريره من آثار الصراعات السياسية والفتن الطائفبة التي عرفها تاريخ المسلمين منذ صدر الإسلام.



تأسيسه لتيار العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية





بعد الثورة التونسية، أسس الدكتور محمد الهاشمي الحامدي تيار العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية، وأسس "حزب المحافظين التقدميين" كأداة تنظيمية للتيار، و"تحالف تونس الجميلة" كخيار جبهوي محتمل في الإنتخابات. وفي مايو 2013 تخلى الهاشمي عن اسم "العريضة الشعبية" واستبدله باسم "تيار المحبة".

في وثيقة العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية التي حررها محمد الهاشمي الحامدي وأعلن عنها يوم 3 مارس 2011 في لندن، تبنى الحامدي بشكل خاص مبدأ المواءمة بين تعاليم الإسلام والتجربة الغربية المعاصرة في تنظيم الدولة والرعاية الإجتماعية للفقراء، ودعا لتأمين التغطية الصحية لجميع التونسيين على نفقة الدولة، وصرف مساعدة اجتماعية شهرية قدرها 200 دينارا تونسيا للعاطلين عن العمل. وفي انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، أحرزت القوائم المستقلة التي رشحها الحامدي باسم العريضة الشعبية على 28 مقعدا، ألغي منها مقعد دائرة فرنسا 2، وبقي منها سبعة وعشرون مقعدا، مما جعله زعيما للقوة السياسية الثالثة في البلاد. وفاز الحامدي بالأغلبية الكاسحة في ولاية سيدي بوزيد، وبمقاعد في الشمال والساحل والشمال الغربي والوسط والجنوب وفي وسط المهاجرين في فرنسا، وكان الوحيد الذي استطاع الحاق الهزيمة بحزب النهضة في دائرة انتخابية، هي دائرة سيدي بوزيد التي اعتبرت أشهر دوائر المنافسة وأهمها في تلك الإنتخابات.



شبهات وردود



حاول خصوم الدكتور محمد الهاشمي الحامدي السياسيون فرض حصار إعلامي وسياسي عليه. حيث أقصي من مشاورات ترتيب البيت السياسي بعد الإنتخابات، وحرم من الحديث في القناة الوطنية قبل الإنتخابات وبعدها. وحاول أخرون تشويهه من خلال نشر رسالة كان الحامدي وجهها لبن علي يدعوه فيها لإيفاد مندوب من حزبه للمشاركة في حوار سياسي علني تلفزيوني مع الإسلاميين واليبساريين والقوميين ورابطة حقوق الإنسان ونقابة الصحافيين. غير أن الحامدي رد عليهم بأن هذه الرسالة تبين بالدليل القاطع أنه كان على الدوام، في السر والعلن، حريصا على الحريات والتعددية السياسية في تونس.

وقيل عنه في بعض وسائل الإعلام أنه مليونير، وثري عربي مقيم في الخارج، غير أن ضيوف البرامج الحوارية لقناة المستقلة، وبعض مراسلي وكالات الأباء العالمية اكتشفوا عند زيارتهم للمقر، أنه مقر صغير متواضع للغاية، وإمكانياته الفنية محددوة، وأن شهرته وأثره في العالم العربي ليسا نتيجة ثراء الحامدي وإنما نتيجة السقف العالي من الحرية في برامج القناة والإجتهادات التي انفردت بها القناة من خلال مبادراتها الإعلامية المختلفة والمتنوعة.



العودة لتونس



أعلن الدكتور محمد الهاشمي الحامدي أكثر من مرة أنه لا توجد أية موانع قانونية من أي نوع تحول بينه وبين العودة، غير أنه لا يريد العودة لتونس وهي تحت سلطة الحكام الجدد لأن خصومتهم له مستحكمة على حد قوله، وقال في تصريحات صحفية إنه يخشى على حياته، مستشهدا بما جرى للفقيد شكري بلعيد، وبتصريحات نائب رئيس حزب النهضة الشيخ عبد الفتاح مورو الذي قال إنه لا يشعر بالأمان على حياته في تونس. وقال الحامدي إن حكومة الترويكا رفضت الإعتراف بالتفويض الشعبي الذي ناله في الإنتخابات ورفضت الحوار معه بناء على هذا التفويض. كما أوضح أنه سيترشح للإنتخابات الرئاسية من منفاه في لندن وسيعود للبلاد فقط في حال فوزه في الإنتخابات.



الإستقالة واعتصام التضامن



تعرضت كتلة العريضة الشعبية في البرلمان لما اعتبرها الحامدي "غارة" من قبل عدد من الأحزاب التي يقودها رجال اعمال فشلوا في الإنتخابات. وبالإضافة الى ذلك اتهم الحامدي حكومة حمادي الجبالي بمنح اسم العريضة الشعبية لأحزاب أخرى للتشويش على فرص هذا التيار في الإنتخابات المقبلة. ثم جاء توافق النهضة وحلفائها على منع ذوي الجنسية الثامنية من الترشح للإنتخابات الرئاسية في أبريل 2013، ليدفع الحامدي للإعلان عن استقالته من رئاسة حزب العريضة الشعبية وانسحابه من الحياة السياسية. وفي 27 أفريل 2013 قبلت الهيئة التاسيسية استقالة الحامدي وقررت حل الحزب بصفة تلقائية احتجاجا على المظالم السياسية التي تعرض لها وعلى إقصاء زعيمه من الإنتخابات الرئاسية.

بعد ذلك، في الفترة من 16 إلى 18 ماي 2013، جرى اعتصام شعبي في مدينة سيدي بوزيد توج بمسيرة شعبية حاشدة يوم السبت 19 ماي طالب المشاركون فيها الدكتور محمد الهاشمي الحامدي بالعودة للنشاط السياسي ورفعوا شعارا ضد منعه من الإنتخابات الرئاسية، متوجهين به لخصومه: "تحب والا تكره ـ الهاشمي باش يترشح".



العودة للساحة السياسية والإعلان عن تأسيس تيار المحبة



بعد هذا الإعتصام بأيام قليلة، أعلن الدكتور محمد الهاشمي الحامدي يوم الأربعاء 12 رجب 1433 هجرية الموافق لـ22 مايو 2013 ميلادية، عن عودته إلى النشاط السياسي من خلال تيار سياسي جديد سماه "تيار المحبة"، ووضع له شعارا هو الحديث النبوي المعروف "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، وتعهد بالمشاركة في الإنتخابات الرئاسية المقبلة، وبترشيح قوائم مستقلة في الإنتخابات التشريعية، تنافس ببرنامج سياسي واجتماعي أهم أركانه، الصحة المجانية، ومنحة البحث عن عمل للعاطلين عن عمل. وتعهد الهاشمي الحامدي في حالة فوزه في الإنتخابات بتشكيل حكومة كفاءات وطنية بقطع النظر عن انتمائاتها الحزبية، وبتأمين دعم سياسي واسع لها.



وبخصوص الجنسية الثانية صرح الدكتور محمد الهاشمي الحامدي لإذاعة شمس اف ام بعد تأسيسيه لتيار المحبة أنه مستعد للتنازل عن الجنسية الثانية بعد فوزه في الإنتخابات الرئاسية وليس قبل الترشح، ودعا قادة أحزاب الترويكا الحاكمة لمراجعة موقفهم من هذا الموضوع.







النظرية الفكرية والسياسية



من خلال تصريحاته الصحفية، وكتبه المنشورة، لخص الحامدي نظريته الفكرية والسياسي، واعتبر أن الإسلام يمثل دستور التقدم والسعادة للفرد والمجتمع، وأن بالإمكان التوفيق بين تعاليمه وكثير من الإنجازات التي توصلت لها التجربة الغربية في إدارة الدولة الحديثة وإقامة العدل وتحقيق الرعاية الإجتماعية للفقراء.



وفي هذا السياق أيد الحامدي بقوة أن يكون الإسلام هو المصدر الأساسي للتشريع في الدستور التونسي الجديد، وانتقد النخب السياسية التونسية التي تعترض على هذا المبدأ، ودعاها لمراجعة موقفها وتبني هذه الفكرة. كما اعتبر الدكتور محمد الهاشمي الحامدي أن حديث "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" يمثل أساسا للعدالة الإجتماعية المطلوبة في تونس بعد الثورة.



واعتبر الدكتور محمد الهاشمي الحامدي في تصريحات صحفية أن تيار المحبة بمبادئه المؤيدة بقوة للعدالة الإجتماعية، ووسطيته الفكرية كتيار معتدل، يشبه في دوره ومكانته الحزب الإشتراكي في فرنسا أو حزب العمال في بريطانيا.



مؤلفاته



ألف محمد الهاشمي الحامدي عدة كتب اللغتين العربية والانجليزية، أهمها" "السيرة النبوية للقرية العالمية"، و"رسالة التوحيد" بالعربية، و"تسييس الإسلام" بالإنجليزية.



الحياة الشخصية



محمد الهاشمي الحامدي متزوج من زبيدة بنت عمار قمادي، وهي جزائرية من العاصمة وأصيلة مدينة تبسة، ولهما ولدان وبنتان.




Commentaires