السعودية تتحرك لمنع تحويل اليمن إلى مستعمرة إيرانية





الولايات المتحدة قبلت بالتدخل أمام الإصرار الخليجي على وقف التمدد الحوثي في اليمن وسط هامش محدود أمام طهران للرد. العرب



عدن - أعربت مصادر عربية تتابع الوضع اليمني بدقة عن اعتقادها أنّ من بين أبرز النتائج التي أسفرت عنها العملية العسكرية التي نفذت في اليمن كان منع سقوط عدن عاصمة الجنوب في يد إيران حتى وإن سعت طهران إلى استغلالها لتكريس انقسام بين الشمال والجنوب في حال استمر الحوثيون في التصرّف بطريقة تؤكّد إصرارهم على فرض شروطهم على الأطراف اليمنية الأخرى مستخدمين لغة السلاح الذي يمتلكونه.

وقالت المصادر إن مدينة عدن التي كانت تعتبر في الماضي من أهمّ الموانئ العالمية كانت على حافة السقوط أمام زحف الحوثيين (أنصار الله) عليها بدعم من قوّات ما زالت موالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح.

وأوضحت أن بقاء عدن خارج سيطرة الحوثيين، يعني أنّه لا تزال هناك مدينة مهمّة يستطيع أن يقيم فيها الرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي الذي يمثّل، على الرغم من كلّ الاعتراضات على أدائه، فضلا عن غياب أي التفاف شعبي حوله، ما بقي من شرعية في اليمن.

وكشفت أن الحوثيين استطاعوا الالتفاف على تعز، وهي من أكبر المدن اليمنية، كما تعتبر عاصمة الوسط الشافعي، ومتابعة زحفهم في اتجاه عدن مما أثار علامات استفهام كثيرة.

وقالت إنّ ذلك أثار أيضا مخاوف كبيرة في السعودية والبلدان الخليجية الأخرى التي كانت تعتقد أن تعز ستكون حاجزا في وجه تقدّم الحوثيين جنوبا. وزادت المخاوف بعدما احتل الحوثيون ميناء المخا على البحر الأحمر وباتوا في طريقهم إلى مضيق باب المندب.

وأضافت أن عوامل عدة ساهمت في تشكيل التحالف العربي ـ الإقليمي الذي نفّذ الضربات الجوية التي استهدفت مواقع لـ”انصار الله” .

ومن بين هذه العوامل اقتناع الإدارة الأميركية أخيرا بخطر الحوثيين على الاستقرار الإقليمي وإصرار دول الخليج على مواجهتهم بصفة كونهم مجرّد أداة إيرانية في المنطقة.

وأشار مسؤول خليجي إلى أن واشنطن رضخت أخيرا أمام الإصرار الخليجي ووافقت على استخدام الطائرات الأميركية في الضربات الموجهة إلى الحوثيين وعلى توفير الذخائر وقطع الغيار المطلوبة لهذه الطائرات.

وعزا رئيس مرصد الدول العربية في باريس انطوان بصبوص التحرك السعودي بأنه يهدف إلى “منع تحويل اليمن بكامله إلى مستعمرة إيرانية “.

واعتبر جون مكارثي رئيس معهد أستراليا للشؤون الدولية أنه “وفي غياب الأميركيين الذين تركوا الساحة بصفة مؤقتة سيحسب السعوديون أنه ليس أمامهم خيار سوى الدخول بقوة. وسنشهد إعادة رسم للمنطقة”.

وفي مواجهة الرد السعودي العسكري المفاجئ، استبعد المحللون أن تبادر إيران إلى رد مماثل في اليمن للدفاع عن الحوثيين، وعزوا ذلك إلى أن الإيرانيين يريدون أن يبرموا اتفاقا نوويا يتيح رفع العقوبات عنهم، ولذلك لن يتورطوا في نزاع مع السعودية ما قد يعيق المضي في الاتفاق.

لكن القيادات الإيرانية يمكن أن تحرك جماعات موالية مذهبيا لها في المنطقة الشرقية (السعودية) أو في البحرين، أو في مناطق أخرى لاستهداف مصالح الدول المشاركة في “عاصفة الحزم”.

واعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن “أي تدخل عسكري ضد وحدة أراضي اليمن وشعبها لن تكون له أي نتيجة سوى مزيد من القتلى وإراقة الدماء”.

وحذّر ظريف من أن هذا التدخل من شأنه أن يخدم الإسلاميين المتطرفين، وهو ما قرأ فيه المحللون قبولا بالأمر الواقع، خاصة أن هامش الرد العسكري محدود أمامها.

وستعمل إيران على عدم التورط في اليمن وفي مواجهة الإصرار السعودي، ويرجح أن تسعى للحفاظ على القبول الإقليمي والدولي بسيطرتها على العراق وسوريا ولبنان، وأن أي مغامرة جديدة يمكن أن تفقدها ما حققته.

يضاف إلى ذلك أنها تعودت أن تتحرك في المنطقة بحرية تامة، وكانت تتوقع أن تسيطر على اليمن بيسر، لكنها فوجئت لأول مرة بتحالف عربي قوي يقود حملة منظمة وذات جدوى وفي سرية تامة.

وأكد المحللون أن العملية العسكرية ستبقى ضمن خطة تتشكل لتطويق التهديد الحوثي وبأن الهدف منها ضرب إمكانيات الميليشيا الشيعية بغاية إضعافها وليس القضاء عليها.

ورجحوا أن تقف العمليات العسكرية عند حد الغارات المساندة لسلطة الرئيس هادي، مع إمكانية أن تستنجد الدول المشاركة بعمليات برية محدودة لإجبار الحوثيين على القبول بشرعيته.

وقال مصدر سعودي مطلع على الشؤون الدفاعية إنه قد تكون هناك حاجة لهجوم بري لاستعادة النظام في اليمن، مشيرا إلى أنه لا يمكن تحقيق أهداف إعادة الحكومة الشرعية في اليمن بمجرد السيطرة على المجال الجوي للبلاد وأنه ربما تكون هناك حاجة لشن هجوم بري لاستعادة النظام.

وكشف التحرك السعودي المدروس عن وجود قيادات سعودية شابة تنفذ سياسات الملك سلمان بن عبدالعزيز بحزم.

وكان وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان حذر أحمد علي صالح، نجل الرئيس اليمني السابق، من التقدم إلى عدن في ظل ما يروج عن تحالف بينه وبين الحوثيين خاصة في معركة تعز.

وواكب ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، ووزير الدفاع الأمير محمد بمقر قيادة العمليات تفاصيل الهجوم الذي استهدف مواقع الحوثيين.




Commentaires