مقال مترجم || هل انتهى العراق إلى الأبد ؟ .... مصطفى سلامة

مقال مترجم || هل انتهى العراق إلى الأبد ؟ .... مصطفى سلامة
تاريخ النشر : الخميس 30-04-2015

- مصطفى سلامة هو محلل سياسي ومستشار وكاتب مستقل، لديه خبرة واسعة وخلفية أكاديمية في شؤون الشرق الأوسط.
 
لقد طالب وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري المجتمع الدولي مساعدة العراق اقتصاديا وعسكريا أيضا في حربه ضد الدولة الإسلامية (IS). وفي نيويورك، قال الجعفري خلال كلمته في مؤتمر الأمم المتحدة لتحالف الحضارات ان مكافحة IS من مسؤولية العالم. وأضاف: "ان العراق لا يريد منكم أن ترسلوا أبنائكم ليقاتلوا على أرضنا بدلا منا، و نحن كعراقيين حشدنا جميع أبنائنا لمواجهة هذا الخطر بشجاعة".
 المؤتمر الذي كان له بعض التغطية في العالم العربي، كان بالكاد يذكر في الإعلام الغربي ان لم يكن لم يتم ذكره نهائيا، وان الولايات المتحدة التي غادرت العراق في عهد الرئيس باراك أوباما يبدو أنه ليس هناك أي مصلحة لها في الحصول على المزيد من الوقوع في شراك الفوضى العارمة في العراق.
 ومع ذلك، لا يزال ينظر الى مشاكل العراق عادة في ضوء IS، على الرغم من تحديات سلامة وحدة العراق بوصفها دولة أمة متماسكة إلى أبعد من ظهور IS.
 العـداء المتأصل
 الحكومة المركزية في بغداد برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي دعت مؤخرا العرب السنة في ست محافظات لمساعدة البلاد في حربها ضد  IS. وهذه بالتأكيد ليست المرة الأولى، على الرغم من ان العبادي لم يتلق أي رد جدي.
 وفي حين أنها ليست المرة الأولى التي أطلقت فيها بغداد هذه الدعوة، يبدو أن الحكومة المركزية تنسى أنها في صراع منذ سنوات طويلة مع العرب السنة. ينبغي على المرء أن لا ينسى ما وثقته الأمم المتحدة من فرق الموت الشيعية التابعة للحكومة التي قتلت العرب السنة في عام 2006، وكذلك لاينسى تفريق الاحتجاجات السنية بالعنف، التي بدأت في عام 2013 والتي دعا فيها المتظاهرون للإصلاح ضد الفساد والتهميش. وقد دفعت حملة القمع العنيفة في ذلك الوقت المفتي، وهو أعلى سلطة دينية رسمية عراقية سنية، إلى إعلان "الجهاد" ضد حكومة نوري المالكي.
 وفي حين تستعيد بغداد الأرض من IS، نجد ان الجيش والميليشيات المتطوعة للقتال ترتكب "القتل خارج نطاق القضاء، والتعذيب والاختطاف والتشريد القسري لاعداد كبيرة من الناس، وكل هذا يحصل مع الإفلات من العقاب في معظم الحالات"، كما لوحظ في تقرير المفوض السامي لحقوق الإنسان للامم المتحدة . وقد جرى ذلك على أهل السنة في المناطق التي فرّ منها IS مع تقدم قوات العبادي. وقد توصلت هيومن رايتس ووتش أيضا لاستنتاجات مماثلة وأدانت قرار مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لعدم تطرقه إلى الفظائع التي ارتكبتها الميليشيات التابعة للحكومة وقوات المتطوعين والقوات العراقية الرسمية. ومع ذلك فإن الامين العام للامم المتحدة بان كي مون قام بزيارة سريعة إلى لعراق وأدلى بتصريحات قوية بينما كان يتحدث على المنصة بجوار العبادي قائلا: "ان الفظائع أو انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة يجب أن يتم التحقيق فيها ويجب تقديم الجناة للمحاسبة".
 وحتى الآن لم يجر أي تحقيق. وان العبادي دافع باستمرار عن قوات المتطوعين التي تعرف باسم "الحشد الشعبي" أو قوات تعبئة الشعبية.
 فمن غير المرجح أن العبادي سوف يثير عداء جمهور ناخبيه من خلال التحقيق في هذه الجرائم. وعلاوة على ذلك، لم يكن لدى حكومته أي رقابة حقيقية على تلك الميليشيات. في الواقع، هناك علامات واضحة على الصراع على السلطة حول تولي قيادة هذه القوات إلى الحد الذي ندد فيه العبادي علنا بأولئك الذين يحاولون الحصول على قيادة الحشد الشعبي.
 ويتساءل المرء بعد ذلك ما قيمة دعوات العبادي لوجهاء العشائر السنية لمحاربة IS جنبا إلى جنب مع قوات بغداد في محافظة الانبار. بعد كل شيء، فقد رفض مفتي العراق الدعوات التي اطلقت في كانون الاول عام 2014 لمحاربة IS في الأنبار، مستشهدا بالعديد من الانتهاكات من جانب القوات الحكومية في بغداد وميليشياتها. وقال "هل المطلوب أن نطرد IS كي تأتي الميليشيات وتغتصب شرفنا؟ ... نحن لسنا أغبياء إلى حد فتح جبهة داخلية على أنفسنا حتى يتسنى للميليشيات ذبحنا".
 ولتوضيح هذا النقص في الثقة والتناقض المتوارث فانه يمكنك أن تشاهد عبد الرزاق الشمري، ممثل العلاقات الخارجية للحراك الشعبي السني (التي نشأت من احتجاجات 2013)، وهو يتحدث على قناة الجزيرة. حيث قال انه لا شك في أن أهل السنة في الانبار سيقاتلون ضد IS، إذا تم تسلحبهم بالشكل الصحيح، لكنه قال انهم سيقاتلون أيضا ضد "جرائم الميليشيات" - وهي نفس الميليشيات التي تدعمها الحكومة. وفي نفس البرنامج كان يشارك ممثل الحكومة في الحوار، وتبادل هو و الشمري الشتائم مما اضطر المضيف لأخذ فاصل في وقت مبكر.
 ليس فقط IS
 لم يكن ظهور IS بسبب أيديولوجيتها فقط. فقد ظل المجتمع العربي السني في العراق مهمشا على نحو فعال.
 وقد أثار بث شريط فيديو الجدل ظهر فيه حوالي 30 من رؤساء العشائر والوجهاء في الموصل يتعهدون بالولاء لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي. بغض النظر عما اذا كانت هذه المطالبات صحيحة أم لا، يجب ألا تكون هناك مفاجأة إذا كان على الأقل يمثل الشريط بعض الحقيقة.
 حكومة العبادي في محاولة لكسب التعاطف والدعم الدولي من خلال كفاحها ضد IS. إلا ان تقديم هذا الدعم لن يغيّر الإطار الذي تنشأ فيه هذه الصراعات. حيث ان الطائفية التي تم تجاهلها لفترة طويلة وتم تنحيتها جانبا من قبل إدارة أوباما من أجل تسريع الانسحاب هي الآن عادت لتطارد ليس فقط العراق بل في المنطقة ككل.
  IS يسيطر على مساحات واسعة من الأراضي العراقية، وهو أمر يعمل على نحو فعال لتمزيق وحدة أراضي العراق . إضافة إلى المنطقة الكردية العراقية التي لديها حدودها الخاصة بها والعلم والنشيد الوطني والحكومة والبرلمان والقوات العسكرية (البيشمركة)؛ انها فعلا بلد داخل بلد؛ عليه فان تقسيم العراق هو الحقيقة الحاصلة في البلاد، ويبدو أن هذا سيكون واقع الحال لفترة طويلة.
 ومن الواضح أن مشاكل العراق لا يمكن علاجها على أنها مجرد مشكلة أمنية ، من دون عملية سياسية تخلق حدا أدنى من المصالحة والاعتراف بالحقوق العربية السنية؛ فانه لن تكون هنالك خطوات نحو السلام المستدام. ربما مثل هذه العملية التصالحية من شأنها أن تكون أكثر منطقية بعد احتجاجات عام 2013، ولكن للأسف تم تفويت مثل هذه الفرصة العظيمة. والأسوأ من ذلك نجد أن هنالك أصواتا تؤجج الصراع ويبدو أنها الأعلى صوتا الآن. لسوء الحظ، فإن العراقيين - بما في ذلك 3.7 مليون نازح داخليا - هم أول من يعاني نتيجة لذلك.
 الآراء الواردة في هذا المقال تنتمي إلى المؤلف ولا تعبر بالضرورة عن السياسة التحريرية لـ ميدل إيست آي. انتهى
 
ترجمة : د. أيمن العاني
التأريخ : 30 نيسان 2015
الموقع : ميدل إيست آي .
الرا بط :
يقين نت+ ميدل إيست آي

Commentaires